لا بدّ من الصّمت...

نشرة #1 :: كانون الأول 2023

لكي نسمع استغاثات المختنقين تحت الرّكام، لا بدّ من الصّمت. لكي نعرف مكان تلك الأرواح الباقية، لا بدّ من الصّمت. لا بدّ منه احترامًا للصّاعدين نحو السّماء! فلنوقف الفجور ونصمت، علّنا عندها نسمع.
ليس الوقت الآن وقت قراءات قانونيّة وتراشق اتّهامات. ليس الوقت وقت تحليل سياسيّ وتهرّب من المسؤوليّات. الموت لا يعرف معارضة أو موالاة ولا يفرّق بين مؤيّد لنظام ومعارض لآخر ولا يعترف حتّى بتلك الحدود الواهية، سواء رسمها قلم على خارطة أو دبّابة في خندق.
إن لم تكن الكارثة دعوة للالتصاق بالجوهر الإنسانيّ فهي حتمًا تعلن نهاية هذا الجنس الغريب، جنس البشر.
 
إن كان الزّلزال رعبًا فالرّعب الأقصى في ما نسمع ونقرأ. هذا لن يُنجد ذاك وذاك لن يُنجد تلك وتلك تتذرّع بعقوبات وهذا يدافع عن حصار وهؤلاء يدْعون للتّفرقة بين أهل مدينة وأهل ريفها وأولئك يجدون في الأمر عقابًا إلهيًّا يبرّر ما حلّ بالنّاس من ويلات. والنّاس … مجرّد حطام تحت حطام.
ما كلّ هذا الحقد؟
 لم تسقط المباني فحسب… هنا، مرّة أخرى، سقطت القيم والأخلاق.
ليت الغوث يتدفّق كما تدفّق ويتدفّق السّلاح.
 
دعونا من أيّ نقاش، فكلّ نقاش الآن ترف لا أخلاقيّ. فلنختصر ولنغث أنفسنا.
من لا يريد الإغاثة في سوريا لعلّةٍ في نفسه فليذهب إلى تركيا ومن لا يقدر عليها في تركيا لعلّة ما في تاريخه فليذهب إلى هاييتي! فليذهب إلى حيث تسمح له نفسه وذاكرته المثقلة بالفجور السّياسيّ، فليذهب إلى المرّيخ إن أراد والرّحلة متاحة. فليذهب وإلّا، فليصمت. فليصمت حتّى يُرفع الرّكام ويستقرّ الغبار ويخفت البكاء.
 
الرّحمة للصّاعدين والسّلام للنّاجين.