نشرة #1 :: شباط 2025
“إن لم تمتلك الشّعوب السّلطة فإنّ السّلطة القائمة ستقتلها” نعوم تشومسكي
إذ نقف وشعوبنا على حافّة الهاوية ننظر قعرها يقترب، يرقص “الزّعران” فوق السّطوح بلا أيّ حياء، لكأنّ الجنون الذي توَّجَه الغرب الاستعماريّ مؤخّرًا بالإبادة في غزّة والتّدمير في لبنان، يتجلّى واضحًا خلال حفل تنصيب الرّئيس دونالد ترامب منذرًا بالأسوأ. يقف المرء مشدوهًا فيما يرقص الرّئيس الجديد ، ويغوص مارك زوكربورغ بعينيه في مفاتن صحفيّة التّرفيه ، “لورين سانشيز” ، بينما يؤدّي “إيلون ماسك” المنتشي بالنّصر التّحيّة النّازيّة القبيحة أمام مئات ملايين المشاهدين حول العالم! مِن خلف هؤلاء وقفت وجوه تلخّص في حضورها مصالح “زعران” الكوكب، من رؤساء تنفيذيّين للشركات الكبرى وممثّلين عنها من قطاعات التكنولوجيا والسلاح والطّاقة والذكاء الاصطناعيّ والمؤسّسات الماليّة والمصارف.
هؤلاء يشكّلون تحالفًا عالميًا منبثقًا من عولمة التّوحّش، يسعى إلى احتكار الثّروة والقوّة في العالم كلّه. رئيسهم، شعبَويّ حدّ الفاشيّة، كاوبوي العصر، يلغي الاتّفاقيّات التي وقّعتها بلاده من دون أيّ مراعاة للنتائج، فينسحب من منظّمة الصّحّة العالميّة واتّفاقيّة باريس للمناخ ومجلس الأمم المتّحدة لحقوق الإنسان وغيرها من الالتزامات الدّوليّة، ثمّ يطلب من مصر والأردن علنًا وبوقاحة المستعمِر استقبال ملايين الفلسطينيّين بعدما كان قد اعترف بالقدس عاصمة لإسرائيل وبضمّ الجولان السّوريّ المحتلّ إليها ويوقف تمويل الأونروا ويعلن، عن يمين نتنياهو وبخطاب لا يشبه إلّا الهذيان، عن نيّته تحويل غزّة لمشروع سياحيّ أميركيّ بعد تسويتها بالأرض وطرد سكّانها منها بحجّة “حمايتهم من الموت والمآسي”. هو يقوّض أسس النّظام الدّولي الذي ولد من الخراب بعد الحرب العالميّة الثّانية فيما يدّعي حرص بلاده على السّلام. من جهة يتّهم ما سمّاه بالدّول المارقة بتهديد السلام العالميّ في خطابه أمام الأمم المتّحدة عام 2017 ثمّ يعلن اليوم عن نواياه بابتلاع كندا وغزّة وضمّ غرينلاند وإعادة احتلال قناة بنما وتغيير تسمية خليج المكسيك ليصبح خليج أميركا، مطلِقًا تهديداته في وجه الجميع خصومًا كانوا أم حلفاء. وجْه التّوحّش هذا هو تحديدًا وجْه النّظام العالميّ الجديد الذي يحكمه سياسيّون شعبويّون فاشيّون متطرّفون يحرسون مصالح “زعران” المصارف والطّاقة والسّلاح والتّكنولوجيا والإعلام فيما تغرق الشّعوب جمعاء في المزيد من الإفقار وتختار حكّامها كمن يختار بين الطّاعون والكوليرا! “ديمقراطيّات” تفتقد للدّيمقراطيّة! المصارف تموّل والطّاقة تُشغّل والسّلاح ينهب والتّكنولوجيا تخدّمهم جميعًا والإعلام يُقنع النّاس بهم في عالم يتغيّر بسرعة هائلة ويفرض على “الزّعران” أن يكشّروا عن أنيابهم في صراعهم المحموم على الثروة والنّفوذ، وقد يأكل بعضهم الآخر في خضمّ الصّراع.
أصبح البيت الأبيض مسرحًا لممارسات صارخة من التنمّر العلني، تستهدف قادة مثل ملك الأردن والرئيس الأوكراني زيلينسكي. هذه الأفعال القائمة على الضغط والإكراه ليست سوى جزء من نمط أوسع يتّسم بالغرور والاستهتار بسيادة الدول.
في هذا العالم الجديد والذي يتغيّر بسرعة هائلة، يُظهر التّأثير الذي يتركّز لدى بضعة أفراد تحوّلًا في ديناميّات القوّة داخل بيئة تزداد فيها هيمنة التكنولوجيا الذكيّة، إذ صاروا يقدرون على تشكيل اتّجاهات السّوق وصولًا إلى التّأثير على السّياسات العامّة والرّأي العامّ والحملات السّياسيّة والحركات الاجتماعيّة حول العالم. فلننظر مثلًا إلى آثار تطوّر صناعات الطّاقة النّظيفة على أشكال الاستعمار في أفريقيا. إنّ ازدياد الحاجة للمواد الأوّليّة كالكوبالت والليثيوم والنيكل والنّحاس يُعيد إنتاج أنماط كولونياليّة جديدة، مع عواقب اقتصاديّة واجتماعيّة وسياسيّة وبيئية عميقة. تهيمن شركات صينية وأوروبية وأمريكيّة على مناجم هذه المعادن. باسم “العدالة الخضراء” يعمل الأفارقة في ظروف قاسية مقابل أجور بخسة ولا يصلهم من ثروات أرضهم شيئًا. هذا واحد من متغيّرات كثيرة تعيد تشكيل العالم بسرعة كبيرة. مثال آخر هو ذوبان الجليد في القطب الشّمالي للكوكب ممّا يخلق تحوّلات جيوسياسيّة واقتصاديّة عميقة تُعيد تشكيل خريطة التّجارة العالميّة وتُعزز التنافس الدّولي على موارد المنطقة وطرقها الملاحيّة وتدفع ترامب للمطالبة علنًا بابتلاع كندا وضمّ جرينلاند.
أمّا في منطقتنا فيزداد توحّش الاستعمار فيما ينشغل حكّامنا بابتداع أساليب جديدة لممارسة الاستبداد. كلٌّ يمارس “الزعرنة” على مقاسه.
في الخلاصة، فإنّ قتامة المشهد تستدعي مواصلة التّصدّي لقوى “الزعرنة” بكل وسيلة متاحة وكلّ أخرى يمكن ابتداعها. ليس ما يريده “الزّعران” قدرًا، فللشّعوب إرادات مناقضة. لا خيار أمام الشّعوب المضطهدة وفي مقدّمتها شعوب الجنوب العالمي، إلّا التّضامن وتوحيد الجهود لمقاومة زعران الكوكب. إنطلاقًا من هذا الواقع، فإنّنا في “أفلامنا” نعمل مع شركاء لنا حول العالم، لإطلاق مبادرات ثقافيّة سينمائيّة تضامنيّة توحّد الجهود في التّصديّ “لحكم الأزعر” في كلّ مكان، على أن نعلن عنها تباعًا.
يقول المفكّر الأميركيّ “نعوم تشومسكي: “لا أعرف أيّ كلمة في اللغة الإنكليزيّة يمكن أن تصف أولئك الذين لا يتردّدون عن التّضحية بالوجود المنظّم للحياة البشريّة، لكي يضعوا في جيوبهم المنتفخة بالمال، بضعة دولارات إضافيّة. كلمة أشرار لا تقدر على وصفهم”.
علينا ربّما أن نضيف على “كلمة أشرار” صفة “الأزعر”.
يسقط حكم الأزعر
ندعوكم للتقديم إلى مختبر أفلامنا للوثائقي – العراق، الذي يهدف إلى تدريب ودعم صنّاع الأفلام والمنتجين العراقيين الناشئين لتطوير وصقل مشاريعهم الوثائقية القصيرة والطويلة – إبداعيّاً وعمليّاً. نبحث عن مشاريع تعكس رؤية صناعها الشخصيّة وتسعى إلى إبراز الأصوات العراقيّة.
تمّ تمديد مهلة التقديم حتى 6 آذار 2025
صندوق قصص المناخ مفتوح للمشاريع الإعلامية التي تركّز على قضايا المناخ، بما في ذلك الأفلام والبودكاست والبرامج الإذاعية، والتي تكون جاهزة للإطلاق بحلول منتصف عام 2026.
التقديم حتى 10 آذار 2025.
جميع الحقوق محفوظة© 2024 AFLAMUNA | تم تطويره من قبل Beirut in
جميع الحقوق محفوظة© 2023 AFLAMUNA | تم تطويره من قبل Beirut in